ينظر في المرآة
( 1 )
يتذكر الأيام الأولي له في القاهرة بعد إن ترك الصعيد بحثا عن عمل,
ينظر في المرآة يحاول أن يأخذ قرار , يعطي نفسه مبررات للنزول إلى العمل
, في رأسه نصائح و أوامر
الطبيب
" قدميك غير قادرة علي تحمل طبيعة عملك "
تذكر حينها عندما كان يضحك عليه اصدقاءة وهو يجري إثناء لعب الكرة حيث كان طفلا صغيرا يشكوا من مرض الفلات فوت , لكنه حاول مرارا إيجاد عمل مناسب فلم يجد , فـ شهادة التخرج مدفونة تحت ثيابه داخل الدولاب , لكن بين كل هذا الجدل بينه وبين من في المرآة , يرن في أذنيه بكائها حينما أخبرته بأن هناك عريس تقدم ووالدتها وافقت عليه وترجوه يفعل شئ حتي لا تضيع منه , جرح وجهه بموس الحلاقة من كثرة التفكير , لانه عزم أن لا يكمل الطريق بدونها
(2)
تتساقط الدمع واحدة تلو الأخرى من طرف انفها , نائمة علي سريرها تبكي وتحاول أن لا يشعر بها أحد فهي دائما رقيقة المشاعر , يقف بجوار سريرها أخاها الذي لا يتجاوز عمرة الست أعوام , تري وجهه يعطيك تعبير عن البؤس فهو غير مسرور لما يراه علي أخته , ويعلم جيدا أن السبب في تلك الحالة هي من يعلوا صوتها بالخارج تصيح ببعض الجمل
" عاوزة تتجوزي واحد يخشلك كل يوم هدومة مليانه اسمنت ورمل "
" اتجوزي واحد يبسطك ع الاقل يعيشك عيشة نضيفة "
جمل كثيرة تعبر عن مدي ارستقراطيتها رغم أن العبائة التي ترتديها ولفة الطرحة والشبشب لا يعبرون عن هذا , فهي من النساء التي ينطبق عليهم بالفعل كلمة ارشانات , لا يعلوا في البيت صوتا غيرها , وهي من يأمر ومن ينهي
ولا أحد يقف إمامها ويعارض رايها , وهي ما زالت تبكي ...
( 3 )
صوت حذائه ذا اللون الأسود يرن داخل المستشفي , قد تعرف من هذا الصوت أنه قلق جدا , يتحرك بسرعة , وقد ارتدي بدله زرقاء اللون هي التي اختارتها له
ينظر يمين ويسارا , حتي وجد حماته "والدتها" , تخرج من غرفتها , عندما اقبل سلمت عليه بحفاوة مبتسمة , قابلها هو بنفس الابتسامة ربما هما الاثنين قرروا أن ينحوا الماضي جانبا , أو أنه احتفظ لها بالجميل الذي دفعه كي ينتقل من مستوي إلى مستوي أفضل , كي ينول أبنتها , أو إن الظرف تسمح بوجود هذه الابتسامة
فهي داخل الغرفة منهكة من التعب , لكنها ابتسمت عند رؤيته وباركت له ,
فقد رزقه الله اليوم بأول أبن له
(4)
يحدق جيدا في المرآة وينظر إلى شعر رأسه ويتمتم مع نفسه " كبرت بدري " فقد أبيض جزء من شعرة , وينظر إلى الصورة التي بين يديه يضعها علي التسريحة
صورتهما معا في يوم الزفاف ماسكا يدها ليكملا معا الطريق كما اتفقا , لكن الوضع الان ليس كذلك
يأخذ ورقة من النتيجة , ويتذكر قصتها الطويلة مع المرض , فقد مضت خمس سنوات كالبرق ,
يدخل غرفة أولاده كي يوقظهم كي يلحقوا يذهبوا ألي المدافن , فاليوم الذكري الخامسة علي وفاتها ...
أ / أحمد شعراني
كاتب وصحفي بمجلة كلمتنا
مُسابقة صالون عاوز أتغير
10/12/2011
( 1 )
يتذكر الأيام الأولي له في القاهرة بعد إن ترك الصعيد بحثا عن عمل,
ينظر في المرآة يحاول أن يأخذ قرار , يعطي نفسه مبررات للنزول إلى العمل
, في رأسه نصائح و أوامر
الطبيب
" قدميك غير قادرة علي تحمل طبيعة عملك "
تذكر حينها عندما كان يضحك عليه اصدقاءة وهو يجري إثناء لعب الكرة حيث كان طفلا صغيرا يشكوا من مرض الفلات فوت , لكنه حاول مرارا إيجاد عمل مناسب فلم يجد , فـ شهادة التخرج مدفونة تحت ثيابه داخل الدولاب , لكن بين كل هذا الجدل بينه وبين من في المرآة , يرن في أذنيه بكائها حينما أخبرته بأن هناك عريس تقدم ووالدتها وافقت عليه وترجوه يفعل شئ حتي لا تضيع منه , جرح وجهه بموس الحلاقة من كثرة التفكير , لانه عزم أن لا يكمل الطريق بدونها
(2)
تتساقط الدمع واحدة تلو الأخرى من طرف انفها , نائمة علي سريرها تبكي وتحاول أن لا يشعر بها أحد فهي دائما رقيقة المشاعر , يقف بجوار سريرها أخاها الذي لا يتجاوز عمرة الست أعوام , تري وجهه يعطيك تعبير عن البؤس فهو غير مسرور لما يراه علي أخته , ويعلم جيدا أن السبب في تلك الحالة هي من يعلوا صوتها بالخارج تصيح ببعض الجمل
" عاوزة تتجوزي واحد يخشلك كل يوم هدومة مليانه اسمنت ورمل "
" اتجوزي واحد يبسطك ع الاقل يعيشك عيشة نضيفة "
جمل كثيرة تعبر عن مدي ارستقراطيتها رغم أن العبائة التي ترتديها ولفة الطرحة والشبشب لا يعبرون عن هذا , فهي من النساء التي ينطبق عليهم بالفعل كلمة ارشانات , لا يعلوا في البيت صوتا غيرها , وهي من يأمر ومن ينهي
ولا أحد يقف إمامها ويعارض رايها , وهي ما زالت تبكي ...
( 3 )
صوت حذائه ذا اللون الأسود يرن داخل المستشفي , قد تعرف من هذا الصوت أنه قلق جدا , يتحرك بسرعة , وقد ارتدي بدله زرقاء اللون هي التي اختارتها له
ينظر يمين ويسارا , حتي وجد حماته "والدتها" , تخرج من غرفتها , عندما اقبل سلمت عليه بحفاوة مبتسمة , قابلها هو بنفس الابتسامة ربما هما الاثنين قرروا أن ينحوا الماضي جانبا , أو أنه احتفظ لها بالجميل الذي دفعه كي ينتقل من مستوي إلى مستوي أفضل , كي ينول أبنتها , أو إن الظرف تسمح بوجود هذه الابتسامة
فهي داخل الغرفة منهكة من التعب , لكنها ابتسمت عند رؤيته وباركت له ,
فقد رزقه الله اليوم بأول أبن له
(4)
يحدق جيدا في المرآة وينظر إلى شعر رأسه ويتمتم مع نفسه " كبرت بدري " فقد أبيض جزء من شعرة , وينظر إلى الصورة التي بين يديه يضعها علي التسريحة
صورتهما معا في يوم الزفاف ماسكا يدها ليكملا معا الطريق كما اتفقا , لكن الوضع الان ليس كذلك
يأخذ ورقة من النتيجة , ويتذكر قصتها الطويلة مع المرض , فقد مضت خمس سنوات كالبرق ,
يدخل غرفة أولاده كي يوقظهم كي يلحقوا يذهبوا ألي المدافن , فاليوم الذكري الخامسة علي وفاتها ...
أ / أحمد شعراني
كاتب وصحفي بمجلة كلمتنا
مُسابقة صالون عاوز أتغير
10/12/2011
0 التعليقات:
إرسال تعليق