المعروف للجميع أن رمضان ، شهر العبادات والتقرب إلى الله ، ولكن ما يجهله البعض أن هذه العبادات لها أثر كبير في تربية النفس وتهذيبها ، وهذا ما سوف نتعرف عليه مع هبة سامي ، المحاضر في علوم التغيير ،والعلاقات الإنسانية ،مؤسس ومدير صالون عاوز أتغير ، والتي سنستكمل معها ما بدأناه عن أهمية شهر رمضان في التربية النفسية ، وهنا سنركز معها عن دور الصوم كعبادة في مواجهة الأكتئاب ، والحفاظ على الصحة النفسية .
وتوضح هبة أن الصحة النفسية تعني التوازن فى تحقيق رغبات العقل والجسد والروح ،والنفس ،والتعامل الفعال مع المُجتمع، وينتج عنها مشاعر السرور والرضا عن النفس والتأثير فى المجتمع، لذلك عندما يحدث خلل بمنظومة الصحة النفسية تنتج الشكوى ،والبعد عن تحقيق الاهداف وقد يتطور الأمر ليصل إلى حد العزلة والانفصال عن المجتمع وهذا ما يعرف بمرض الأكتئاب ، الذي يصيب 7%من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية ، والخطورة أن الأفراد الذين يعانوا من هذا المرض قد لايكونوا على وعي بإصابتهم به ، لكنه يتضح بشكل كبير في سلوكياتهم
وتقول هبة :" يعد الصيام علاج نفسي سلوكي ، ووقاية للخلل الذي يحدث للوظائف العقلية والنفس والسلوك، كما يحدث تفكك للحيل الدفاعية النفسية التي تحدث لا إرادياً ويقوم بتشويه الوهم الذي يتسبب فيه الاضطراب النفسي بعدم تخطي الصدمات والعقبات والمشاكل النفسية العديدة ، ويضعه أمام الحقيقة ويجعله يتقبلها ووتؤكد دراسة حديثة أن الصوم يحسن كفاءة مواد الناقلات العصبية التي تنتج في المخ عند حدوث الألم، وتعيد توازن مادة السيروتونين التي يسبب ارتفاعها الإصابة بالاكتئاب، هذا بالأضافة إلى دور العبارات الإيجابية والأذكار والتواصل الروحاني بالقرآن في تهدئة النفس وطمأنينتها وكذلك الدعاء باليقين الراسخ"
وتضيف هبة أن عبادة الصوم عبادة جماعية فما أعظم تأثير هذا مع العبارات الإيجابية والتوكيدات وهذا كله يأتي ضمن منظومة علم النفس الحديث وأساليبه الفعاله فى التكرار والمشاركة الفعالة والتعلم بالنموذج والتعلم المتدرج ،وصيام الطعام والشراب والشهوات ينتج عنه نشاط ذهني وعقلي لحاله الاسترخاء النفسي الذي يكون به الفرد وقوة الإيحاء فى هذه الفترة ، وتواصل كل الخلايا العصبية بإنتظام ، وقد أشارت العديد من الدراسات الحديثة أن تحمل ألم الجوع والصبر عليه يحسن من مستوى مادة السيروتونين وكذلك ما يسمى بمخدرات الألم الطبيعية التي يقوم المخ بإفرازها وهي مجموعتان تعرفان بمجموعة الأندروفين ومجموعة الإنكفالين، ولهذه المواد خواص من التهدئة وتسكين الألم أقوى عشرات المرات من العقاقير المخدرة والمهدئات الصناعية، لذا تقول هبة :" علينا استخدام قوة التغيير الذي سنتحدث عنه في كل مرة وإستغلال شهر الكرم ليشمل صحتنا النفسية التي بالضرورة ستشمل حياتنا كلها وتغيير مسارها"..
وتنصح هبة بتمرين يمكن ممارسته خلال أيام الشهر الكريم ومن شأنه أن يساهم في تربية النفس وتهدئتها وهو كالتالي : إحضار ورقة وقلم وكتابة كل مشكلة متعلقة بالماضي وفي ذات الوقت تؤثر على الحاضر ، ثم تدوين الشيء الإيجابي الذي تم تعلمه منها وأضافت إلى خبرة الفرد وذلك في جملة واحدة حيث أنه كلما ألح ألم وتأثير هذه المشكلة أو التجربة يتم الرجوع إلى هذه الجملة الإيجابية وبذلك ننتقل بالمشكلة من الملف السلبي لعدم النمو الصحى النفسي والإجتماعي اليومي إلى الملف الإيجابي الذي سيساعد بقوة فى تغيير الحاضر بتأثير خبرات الماضي لنستقبل المستقبل .. وبذلك كل يوم نزداد قوة وخبرة وعلم . وبهذا التمرين سنتخلص من أى مشكلة نفسية أو عقبة أول بأول وسنصبح أكثر قدرة على إدارة الذات بل الحياة بأجمعها .
0 التعليقات:
إرسال تعليق