(( إذ قالت الملائكة يا مريم ، إن الله أصطفاك وطهرك على نساء العالمين يا مريم أقنتي لربك واسجدي ، واركعي مع الراكعين ، ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ، وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ، وما كنت لديهم إذ يختصمون ))
تنفس الفجر ، فأنبثق فى الافق الشرقي نبع من الضوء ، راح يبعث أشعته الفضية لتبدد ظلام الليل .. وصاح الديك ايذانا بمولد نهار جديد ، فهبت الشمس تقطع رحلتها الأبدية وأرسلت أشعتعها الاولى إلى الناصرة فأنقشعت الغشاوة عن التلال ، وعن أشجار السرو العتيقة التى حنت يد الزمان أطرافها ، وسقط الضوء على أشجار التين والزيتون وراح ينسل إلى البيوت الصغيرة المبعثرة فى الوادي الخاشع عند أقدام التلال .
وتألق زهرالبرتقال الأبيض كالزنابق ، وتفتح نوار الرمان الاحمر ، وبدأ كأنما يبتسم لنور الصباح .. ورجع اليمام على الأشجار تسبيحاً لخالق الكون والجمال وراح الآخيل الأزرق ينتقل فى مراح بين الحقول ، ويحط على الاشجار ، فتلوح كأنما أثمرت ثمارا من الفيروز .
وأريق النور من كوات المنازل فقام عمران من نومه واعتدل فى فراشه ومد يده وتنوال التوارة ، ففتح سفر دانيال وراح يقرأ ويفكر فيما يقرأ ، فيهيهم فى دُنيا من الأحلام . إنه ليجد فيما يقرأ غذاء لروحه ومادة لتأملاته أن أسعد أوقات حياته لهي تلك السويعات التي يقضيها فى قراءة التوراة فى الصباح وتلك السويعات التي يقضيها مع جيرانه فى المساء يتحدث عن الأنبياء وما فعلوه لبني إسرائيل وعن النبوءات التى حققت وعن البنوءة الكبرى التي يترقبها الجميع
نبوءة مجيء المسيح ملك اليهود ، الذي سيرسله الله لبني إسرائيل .
كان يستشعر الزهو يملأ جوانحه اذا قرأ قصة راعوث أو قصة داود فهو من نسل ذلك البيت العتيق انه سليل الملك داود .. وكان زوجه من نفس ذلك البيت الكريم فما كان لاسرائيا ان يتزوج الا من طبقته .. انه من نسل الانبياء وقد تزوج من إمرأة يجري فى عروقها دم النبوة الكريم .
وكانت حنة زوجه تقدم له طعام الفطر وتجلس تشاركه فى طعامه فيدور الحديث عن الدين والأنبياء فما كان هناك حديث فى الناصرة الا عن الانبياء والدين فأهلها جميعا من نسل هارون وداود.
وكانت الناصرة تتكون من أسرات قليلة فقيرة ، ولو أنها أسرات تنحدر من أصلاب الأنبياء وكانت كل أسرة تحترف حرفة يتوراثها الأبناء عن الاباء فقد احترف فرع دادود النجارة ، واحترف فرع هارون تجارة الأخشاب ويجلبونها من التلال واحترفت الفروع الأخرى صناعة النعال او تجفيف التين .
وكان عمران يخرج إلى عمله ، وينطلق فى شوارع الناصرة الضيقة ، يلقى السلام على كل من يقابله ، فالرجال يعرف بعضهم بعضا .. ويرجع ذلك التعارف إلى اجيال فالزواج محصور فى تلك الاسر الهابطة من الأنبياء ، حتى لا يضيع المد الزكي بين الناس .
كان عمران يمارس عمله ، فإذا نزل بحانوته زائر او صحاب عمل .. طفق يحدثه عن قصص التوراة ،، ويرد مزامير داوود فى صوت آخاذ يهز المشاعر وينزل الخشوع بالقلوب ، فترتيلاته تنبعث من قلب نقي ، مفعم بالإيمان العميق .
وأقبل يوم السبت فارتدى عمران افخر ثيابه وارتدت حنة ثياب الخروج وانطلقا الى الكنيس وذهب عمران الى مكان الرجال وذهبت حنة الى الشرفة العالية المعدة للنساء المحجبات وراح الجميع يصلون فأنبعثت الأصوات الملائكية تأخذ بالألباب ، فأحس عمران كأنما يهيم فى السموات وما انتهت الصلاة حتى عادت تراوده الفكرة التى طالما راودته فى يقظته .. وطافت به فى منامه ، فكرة الذهاب إلى أورشليم لخدمة المعبد العظيم ، فقد رأى في منامه أنه يقوم بسدانته وطهروه وتجميره .. وتقديم الذبائح إلى إسرائيل .
ان زكريا ، زوج اليصابات أخت حنة ، هناك فى معبد الرب يقوم بخدمته ويكرس حياته للعبادة فلماذا لا ينطلق هو من أساره ويتحرر من قيود الدنيا ويهب نفسه خالصة لله رب العالمين ؟
عاد عمران إلى بيته وقد مٌليء عزما على الخروج إلى أورشليم ليكون من خدام المعبد المخلصين وأفضى إلى حنة بما قر عليه رأيه .. فجعلا يتأهبان للخروج حتى إذات تم لهما ما أرادا انطلقا فى الطريق المنساب بين التلال ، مخلفين ورائهما بيوت الناصرة الماصعة
وهبطا إلى السهل اأخضر اليانع وراحا يطويان الأرض حتى أشرفا على السامرة فأخذا يتقدمان تقدما في حذر .. فالسامريون بيغضون اليهود فهم يعتقدون انهم ابناء اسرائيل الحقيقيون ولا يعترفون الا بكتب موى الخمسة دون باقى التوراة .. ويعتزون بنسخة من هذه الكتب دونت على الماعز ويقولوا ان داود كتبها بخط يده .
تأصلت العداوة بين السامريين واليهود فكان حجاج الناصرة والبلاء الشمالية يتجنبون المرور بالسامرة فى عيد الفصح فى طريقهم إلى أورشليم خشية ان يقع بينهما ما يكدر صفو الجميع ، وما كان السامريون يذهبون الى اورشليم لذبح قرابينهم .. بل كانو يترقبون فى الجبل يسوقون ذبائحهم حتى اذا كان القمر بدرا أمر الكاهن بالذبائح فتنحر .. وتلطخ ابواب الخيم بالدم كانت لهم تقاليدهم ومعتقداتهم وشريعتهم وكانوا يعتقدون أنهم وحدهم لبذين يعرفون الله .
سأقف هنا حتى لا أطيل على قلوبكم ~ غداً ميلاد مريم وتفاصيل العبادة والوضع حينها :)
فإني هذه الأيامعاكفة على فقه السيرة .. وأعيش فى رحاب عيسى بن مريم متطمئنة بنور القُرآن الكريم
دراسة وبحث مُحبب لقلبي 57 يوم ~ عن المسيح عيسى بن مريم *
سأشاركم بها لمن يُحب .. وسيروق لكم
هنا على بلوجر
وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ♥ ~ المؤمنون
وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ
~
ممتعة للغاية فى رحاب الأنبياء والتاريخ بلغة أدبية .. ترسم روحانيات الحياة حتى فى اقسى لحظاتها .
إستعانه بـ عبد الحميد جودة السحّار *
لـُمتابعة الباقي : فضلاً منك أضغط
رسائل أحدث
0 التعليقات:
إرسال تعليق