واحد من شخصيات الفكر الروحي المؤثرة في هذا العصر كارلوس كاستنيدا (Castaneda)؛ فالمؤثرون أنواع منهم الظاهر والعميق أي تراه يتحدث ويتواجد في الساحة وهم قليل، وصبورون جداً كون الناس غالبهم مضطرب ولا يصبر على طريقته ولكل شيخ طريقته كما يقول الصوفية، ومنهم الظاهر المخصص أي يسلك مسلك تعليم الخاصة من الناس عنده، كما حال علامتي الذي سميته بعليم الدين، وهم لا يصبرون على جهل الناس، وسريعو الطرد والإقصاء، يرون أن طالب العلم عليه أن يصفي نفسه قبل أن يتلقى العلوم اللدنية التنويرية، ومنهم من هو خفي جداًً، لا تعلم به ولا تراه يلتقيه مجموعة قليلة جداً من البشر، وهؤلاء محيطات من العلم والطاقة المبهرة. الأنبياء في الغالب من الصنف الأول، الخضر عليه السلام من الصنف الثالث، وغالب العلامات من الصنف الثاني. كاستانيدا من الصنف الثاني أكثر رغم أن له كم كتاب في الأسواق كتبها قبل أن يموت. وكاستانيدا من المؤثرين بقوة في الرواد مثل واين داير وديباك تشابرا وجيم رون وحتى صلاح الواشد. وفي الحقيقة أنا واجهت صعوبات في تفكيك بعض كتاباته لأنه يفترض في كتاباته المخطوطة لا المطبوعة أن المتلقي في مرحلة عالية فيسترسل. لكن وقع في يدي كتاب من أحد طلبته السذج والذي من قراءتك للكتاب واسمه creative victory لكاتب وضع اسمه فقط Tomas تكتشف أنه طلاسم. لكن استفدت منه مسألة واحدة عميقة، وهي أن القائد، العلامة، الأفاتار، هي شخصية مستريحة جداً
يقال أن كسلان كان يقول: بعد يوم ما فيه عمل، ما أجمل الراحة قليلاً
الكتاب من ١٧٠ صفحة تقريباً يتحدث عن الاستراحة، استراحة المحارب. فلسفته قائمة على أن غير المستريح لا يحقق شيئاً إلا بشقاء، وما يحققه يزول سريعاً. أعتقد شخصياً أن هذا صحيح، وكون ذلك صحيح يكمن في الطاقة غير الجيدة المزروعة فيها. النية ليست جيدة. من كلام الحبيب "المنبت لا ظهرا آبقى ولا أرضاً قطع " انظر لسلاسة اللفظ وعمق المعنى وبلاغة الكلمة. المنبت أي المسرع، المتفلت، المتسرع، المشغول بفكره، هذا الراكب لفرسه اتعب الفرس فسقط؛ فلا هو أبقى ظهراً أي فرساً ولا هو قطع الأرض أي وصل للمكان الذي يرجو. مثل شخص مجتهد في تكوين ثروة، يعمل في اليوم ١٧ ساعة، يفكر حتى وهو نائم في مشروعاته، جمع الملايين بعدها خسر نصف ثروته في مشروع تحمس له فأصيب بالشلل! أو شخص يريد التعلم من معلم فيشد عليه المعلم أو يرى ما لا يحب من المعلم فيعلق تعليقاً سخيفاً آو يجادله فيلغيه المعلم من قائمة الخاصين عنده، أو أم تقضي الساعات في تربية ابنها فتشد عليه ليكون متفوقاً فتضغط عليه فيصاب بقلة الثقة بالنفس أو بمرض السكر المبكر أو بمرض نفسي.
هذا الذي يريد أن يحقق كل شيء لا يحقق شيئاً. مثل من يبيع كل شي لا يبيع شيئاً.
الإنسان المرتاح يحقق الكثير جداً جداً، وعطاوه يدوم طويلاً. هناك الناجحون الكبار وهناك الناجحون وهناك من يتصنعون النجاح. الناجحون كثر؛ لأن النجاحات كثيرة لا تعد ومستوياتها مختلفة، لكن الناجحون الكبار وهم الذين يمتد نجاحهم إلى عمق النفوس والبيوت قليل. دعنا نأخذ مثالاً في كذا جانب.
لا يمكن أن تعد نجاحات النبي صلى الله عليه وسلم مثل نجاحات النبي دانيال أو حزقيال عليهما السلام مثلاً. كتاب حزقيال لا يتعدى عشرين صفحة، كلامها موجود في كتب سابقة ولاحقة، فيها اللوم والعتب الكثير، ويبدو لي أن حزقيال كان متعباً جداً. لم يروى عنه ابتسامة ولا ضحكة ولا دقائق إنسانية بسيطة. حزقيال نبي مؤثر ورجل جاد وإيجابي ويسوى ملايين من البشر بطاقته، لكنه لا يقارن برجل كعيسى أو محمد عليهما السلام. عيسى عليه السلام يأكل الطعام مع آصحابه وعنده الوقت يجلس مع عجوز ويتحاور معها، ولديه الوقت يذهب أياماً يتأمل، ولديه الوقت يحاور أبليس ويناقشه، عاش ثلاثة وثلاثين عاماً في لحظة دون انقطاع. محمد صلى الله عليه وسلم يلعب مع زوجته سباق الجري الحر، ويأتي في بيته بمغيتين - جاريتين - معهم الدفوف يغنون الأغاني غير الجادة والملهية لحبيبته السيدة العظيمة والعالمة الجليلة، ويتحنث أي يتآمل الليالي الطوال في غار، ويتزوج في آن واحد تسع نساء، بعضهن غاية في الجمال والشباب والحيوية، كلهن لها احتياج جسدي وجنسي ونفسي وعلمي وبيئي ومعيشي، ويعطي كل واحدة منهن عطاءا إن لم يكن كمياً فنوعياً، وينام، ويعتكف، ويكلم العجوز المخرفة وقتاً طويلاً، ويجيب الأعراب السذج، ويجلس جلسة علاجية مع شاب يعشق البنات ويرغب النوم معهن، ويلعب مع الحسن والحسين لعبة الحصان فيركبان على ظهره ويمشي بهن، ويقول من صدقه مع نفسه وربه حبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء، والمقصد بالنساء الجنس طبعاً، لكن للطافة لفظه وجميل بلاغته، والطيب الجمال والرقة والتزين. رجل عابه الغرب بأنه رجل ملذات ينجز كل هذا؟! حتى عده مايكل هارت الأكثر تأثيراً على البشرية. لو كان مشغولاً مزحوماً وآوراق مكتبه فوضى عارمة، وأفكاره أمواج هائجة، ومشاعره عواصف رياح، لكانت أمة العرب في خبر كان. أولئك القادة المزحمون بالأفكار والمشاعر والأعمال كصدام حسين وجمال عبدالناصر وأحمدي نجاد دمار وخراب وضرر واضطراب. أنا التقيت الشيخ جابر الأحمد رحمه الله أمير الكوت السابق في منزله، ورأيت كيف يعيش، وكيف يصلي، وكيف يلهو الساعات في تصفيف الزروعات في الخارج، وكان يتزوج الكثير من النساء، ويمارس هوايات البحر، ويزور الدواوين، ولا يحضر اجتماعات كثيرة ولا يستأنس بها، ورأيت كيف أن دولة مدنية بنيت بالكامل. كل مؤسسات الدولة المدنية في عصره، وصارت الكويت الأولى عربياً و٣٠ على العالم وهي دولة تفتقر إلى كل شيء. ورأينا جميعاً حياة الشيخ زايد البسيطة والشيخ راشد وكيف بنيت هذه الدولة وهذا الاتحاد. والشيخ زايد أوقاته في القنص والمحميات والأشجار ولقاء البدو والشعر النبطي. الرئيس باراك أوباما أخرج إصداراً صوتياً قبل كم أسبوع من خمسة سيديات، ويحتفل بعيد الشكر مع موظفيه، ويمارس الرياضة كل يوم، ويقرأ، ويشاهد التلفاز، ويكتب في صفحته في الفيس بوك بمعدل ١٠ مرات يومياً ويجيب على الإيميلات بمعدل اثنين يومياً، وينام طويلاً، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة والترسانة العملاقة التي تقود حربين ويواجه أكبر أزمة أمريكية في تاريخ أمريكا وفي زمن التنافس العلمي والتكنولوجي والاقتصادي ويواجه ٣٠٠ مليون عربي يأخذون مساعدات تقدر بـ ٣٠٠ مليار دولار يلعنونه ويلعنون دولته كل يوم، وأبناء عمومته واحد سكران وصادم سيارة، والثانية مخالفة للإقامة ويجب طردها من الدولة، والثالث يشتم فيه في كينيا، وجدته تطلب منه يزورها .. بعدين يطلع، وله ابتسامة تذوب جليد الهم وتنسف جبال الغم وتطير ذباب الفكر. ودي بس اعرف الشفرة الدقيقة هذه.
الثورة في هذا الفكر الذي ندعو له انها عكس ما تعلمناه منذ الصغر. علمونا الحياة جد وجهاد وتعب وبلاء وهم وغم وانتصار وكفاح .. كيف قبلنا منهم هذه الفكرة البايخة؟ كيف ما كلفنا أنفسنا شوية نظر في العظماء والناحجين؟
العلامة: صلاح، أنت هنا
صلاح (متحسساً وجودي): نعم أنا هنا
العلامة: من الأفضل أن تحضر أكثر
صلاح: حاضر، ماستر
العلامة: لا يغشونك؟
صلاح: أبداً مايغشوني، ماستر
سمعت جيم رون يقول أن علامته ميستر شون قال له مرة:
مستر شون: كم عندك في البنك؟
جيم: ولا فلس
مستر شون: مين باعك هذه الفكرة؟
للحديث بقية .. بس بروح اتغدى ما تفطرت وصلينا الجمعة في المطر الخفيف الجميل في دبي قلت اكتب شوي بعدين اتغدى، بس سوري .. الغداء
يقال أن كسلان كان يقول: بعد يوم ما فيه عمل، ما أجمل الراحة قليلاً
الكتاب من ١٧٠ صفحة تقريباً يتحدث عن الاستراحة، استراحة المحارب. فلسفته قائمة على أن غير المستريح لا يحقق شيئاً إلا بشقاء، وما يحققه يزول سريعاً. أعتقد شخصياً أن هذا صحيح، وكون ذلك صحيح يكمن في الطاقة غير الجيدة المزروعة فيها. النية ليست جيدة. من كلام الحبيب "المنبت لا ظهرا آبقى ولا أرضاً قطع " انظر لسلاسة اللفظ وعمق المعنى وبلاغة الكلمة. المنبت أي المسرع، المتفلت، المتسرع، المشغول بفكره، هذا الراكب لفرسه اتعب الفرس فسقط؛ فلا هو أبقى ظهراً أي فرساً ولا هو قطع الأرض أي وصل للمكان الذي يرجو. مثل شخص مجتهد في تكوين ثروة، يعمل في اليوم ١٧ ساعة، يفكر حتى وهو نائم في مشروعاته، جمع الملايين بعدها خسر نصف ثروته في مشروع تحمس له فأصيب بالشلل! أو شخص يريد التعلم من معلم فيشد عليه المعلم أو يرى ما لا يحب من المعلم فيعلق تعليقاً سخيفاً آو يجادله فيلغيه المعلم من قائمة الخاصين عنده، أو أم تقضي الساعات في تربية ابنها فتشد عليه ليكون متفوقاً فتضغط عليه فيصاب بقلة الثقة بالنفس أو بمرض السكر المبكر أو بمرض نفسي.
هذا الذي يريد أن يحقق كل شيء لا يحقق شيئاً. مثل من يبيع كل شي لا يبيع شيئاً.
الإنسان المرتاح يحقق الكثير جداً جداً، وعطاوه يدوم طويلاً. هناك الناجحون الكبار وهناك الناجحون وهناك من يتصنعون النجاح. الناجحون كثر؛ لأن النجاحات كثيرة لا تعد ومستوياتها مختلفة، لكن الناجحون الكبار وهم الذين يمتد نجاحهم إلى عمق النفوس والبيوت قليل. دعنا نأخذ مثالاً في كذا جانب.
لا يمكن أن تعد نجاحات النبي صلى الله عليه وسلم مثل نجاحات النبي دانيال أو حزقيال عليهما السلام مثلاً. كتاب حزقيال لا يتعدى عشرين صفحة، كلامها موجود في كتب سابقة ولاحقة، فيها اللوم والعتب الكثير، ويبدو لي أن حزقيال كان متعباً جداً. لم يروى عنه ابتسامة ولا ضحكة ولا دقائق إنسانية بسيطة. حزقيال نبي مؤثر ورجل جاد وإيجابي ويسوى ملايين من البشر بطاقته، لكنه لا يقارن برجل كعيسى أو محمد عليهما السلام. عيسى عليه السلام يأكل الطعام مع آصحابه وعنده الوقت يجلس مع عجوز ويتحاور معها، ولديه الوقت يذهب أياماً يتأمل، ولديه الوقت يحاور أبليس ويناقشه، عاش ثلاثة وثلاثين عاماً في لحظة دون انقطاع. محمد صلى الله عليه وسلم يلعب مع زوجته سباق الجري الحر، ويأتي في بيته بمغيتين - جاريتين - معهم الدفوف يغنون الأغاني غير الجادة والملهية لحبيبته السيدة العظيمة والعالمة الجليلة، ويتحنث أي يتآمل الليالي الطوال في غار، ويتزوج في آن واحد تسع نساء، بعضهن غاية في الجمال والشباب والحيوية، كلهن لها احتياج جسدي وجنسي ونفسي وعلمي وبيئي ومعيشي، ويعطي كل واحدة منهن عطاءا إن لم يكن كمياً فنوعياً، وينام، ويعتكف، ويكلم العجوز المخرفة وقتاً طويلاً، ويجيب الأعراب السذج، ويجلس جلسة علاجية مع شاب يعشق البنات ويرغب النوم معهن، ويلعب مع الحسن والحسين لعبة الحصان فيركبان على ظهره ويمشي بهن، ويقول من صدقه مع نفسه وربه حبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء، والمقصد بالنساء الجنس طبعاً، لكن للطافة لفظه وجميل بلاغته، والطيب الجمال والرقة والتزين. رجل عابه الغرب بأنه رجل ملذات ينجز كل هذا؟! حتى عده مايكل هارت الأكثر تأثيراً على البشرية. لو كان مشغولاً مزحوماً وآوراق مكتبه فوضى عارمة، وأفكاره أمواج هائجة، ومشاعره عواصف رياح، لكانت أمة العرب في خبر كان. أولئك القادة المزحمون بالأفكار والمشاعر والأعمال كصدام حسين وجمال عبدالناصر وأحمدي نجاد دمار وخراب وضرر واضطراب. أنا التقيت الشيخ جابر الأحمد رحمه الله أمير الكوت السابق في منزله، ورأيت كيف يعيش، وكيف يصلي، وكيف يلهو الساعات في تصفيف الزروعات في الخارج، وكان يتزوج الكثير من النساء، ويمارس هوايات البحر، ويزور الدواوين، ولا يحضر اجتماعات كثيرة ولا يستأنس بها، ورأيت كيف أن دولة مدنية بنيت بالكامل. كل مؤسسات الدولة المدنية في عصره، وصارت الكويت الأولى عربياً و٣٠ على العالم وهي دولة تفتقر إلى كل شيء. ورأينا جميعاً حياة الشيخ زايد البسيطة والشيخ راشد وكيف بنيت هذه الدولة وهذا الاتحاد. والشيخ زايد أوقاته في القنص والمحميات والأشجار ولقاء البدو والشعر النبطي. الرئيس باراك أوباما أخرج إصداراً صوتياً قبل كم أسبوع من خمسة سيديات، ويحتفل بعيد الشكر مع موظفيه، ويمارس الرياضة كل يوم، ويقرأ، ويشاهد التلفاز، ويكتب في صفحته في الفيس بوك بمعدل ١٠ مرات يومياً ويجيب على الإيميلات بمعدل اثنين يومياً، وينام طويلاً، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة والترسانة العملاقة التي تقود حربين ويواجه أكبر أزمة أمريكية في تاريخ أمريكا وفي زمن التنافس العلمي والتكنولوجي والاقتصادي ويواجه ٣٠٠ مليون عربي يأخذون مساعدات تقدر بـ ٣٠٠ مليار دولار يلعنونه ويلعنون دولته كل يوم، وأبناء عمومته واحد سكران وصادم سيارة، والثانية مخالفة للإقامة ويجب طردها من الدولة، والثالث يشتم فيه في كينيا، وجدته تطلب منه يزورها .. بعدين يطلع، وله ابتسامة تذوب جليد الهم وتنسف جبال الغم وتطير ذباب الفكر. ودي بس اعرف الشفرة الدقيقة هذه.
الثورة في هذا الفكر الذي ندعو له انها عكس ما تعلمناه منذ الصغر. علمونا الحياة جد وجهاد وتعب وبلاء وهم وغم وانتصار وكفاح .. كيف قبلنا منهم هذه الفكرة البايخة؟ كيف ما كلفنا أنفسنا شوية نظر في العظماء والناحجين؟
العلامة: صلاح، أنت هنا
صلاح (متحسساً وجودي): نعم أنا هنا
العلامة: من الأفضل أن تحضر أكثر
صلاح: حاضر، ماستر
العلامة: لا يغشونك؟
صلاح: أبداً مايغشوني، ماستر
سمعت جيم رون يقول أن علامته ميستر شون قال له مرة:
مستر شون: كم عندك في البنك؟
جيم: ولا فلس
مستر شون: مين باعك هذه الفكرة؟
للحديث بقية .. بس بروح اتغدى ما تفطرت وصلينا الجمعة في المطر الخفيف الجميل في دبي قلت اكتب شوي بعدين اتغدى، بس سوري .. الغداء
0 التعليقات:
إرسال تعليق